فضيحة هروب القاصرين في الجزائر.. النظام في ورطة والجيش يبحث عن التبريرات

فضيحة هروب القاصرين في الجزائر نحو إسبانيا تحولت إلى صدمة سياسية وأمنية، وأظهرت هشاشة النظام العسكري في مواجهة الرأي العام. وبينما انتظر الجزائريون توضيحًا رسميًا من الحكومة، جاءت الرواية الوحيدة عبر مجلة الجيش في صيغة مرتبكة، رافضة الاعتراف بالثغرة الأمنية ومتمسكة بنظرية المؤامرة.
هروب يفضح عجز الدولة
الحادثة وقعت في واحد من أكثر الموانئ حراسة بالعاصمة، حيث تمكن سبعة قاصرين من ركوب مركب صيد والإبحار نحو إسبانيا دون اعتراض من البحرية أو خفر السواحل. استمر القارب ساعات في المياه الإقليمية الجزائرية قبل أن يصل إلى إيبيزا، ما كشف خللاً أمنيًا خطيرًا. كيف يعجز جيش يفاخر بترسانته عن إيقاف قارب يقل أطفالًا؟ إنها فضيحة هروب القاصرين في الجزائر بكل المقاييس.
نظام مرتبك وخطاب مكرر
بدل الاعتراف بالفشل، حاولت السلطة التفاوض سرًا مع مدريد لإعادة القاصرين سريعًا. غير أن الصور التي انتشرت في الإعلام الأوروبي أحرجت النظام وأجبرته على البحث عن تبريرات. عندها، دخلت مجلة الجيش بخطاب دعائي يتحدث عن “أياد أجنبية” و”حملات تضليل”، وكأن الكارثة مجرد صناعة إعلامية.
هذا الخطاب يكشف أزمة ثقة داخل مؤسسات الدولة. فالجزائر سبق أن عاشت حوادث مشابهة، مثل اختطاف سائح إسباني في يناير الماضي، ما أظهر أن العجز لا يقتصر على الحدود البرية بل يشمل السواحل أيضًا.
الإعلام الرسمي يلمّع الفشل
بمجرد صدور عدد سبتمبر من مجلة الجيش، أعادت الصحف والمواقع الرسمية نشر عناوين موحدة تهاجم الإعلام الدولي بدل كشف الحقائق. هذا التضخيم الإعلامي كشف التناقض: بلد يملك ثروات نفطية وغازية ضخمة، لكنه عاجز عن حماية حدوده أو توفير أفق للشباب.
خطاب عسكري منفصل عن الواقع
المجلة لم تقدم أي معلومة عن القاصرين أو ظروفهم الاجتماعية، بل زعمت أنهم “ما زالوا متمدرسين”، محاولة إنكار أسباب الفقر والبطالة. في المقابل، استحضرت منحة بطالة هزيلة كـ”إنجاز للشباب”، مطالبة الجيل الجديد بالمشاركة في “بناء الجزائر الجديدة”.
لكن الحقيقة تبقى واضحة: فضيحة هروب القاصرين في الجزائر ليست مجرد حادث عرضي، بل جرس إنذار يفضح عجز النظام عن حماية حدوده وتأمين مستقبله. بينما الجيش اختار الاختباء وراء نظرية المؤامرة، لكنه تجاهل أن الفضيحة عرّت ضعف الدولة أمام الداخل والخارج. إذا كان سبعة أطفال تمكنوا من خرق أكثر الموانئ حراسة، فإن الأزمة أعمق من مجرد هروب: إنها أزمة حكم شامل عنوانها العجز والإنكار.