الفيضانات في الجزائر: تحضيرات موسمية تغطي العجز الدائم؟

مع كل خريف، تُعلن السلطات الجزائرية عن إجراءات استباقية لمواجهة الفيضانات في الجزائر، لكن التجربة تُظهر عامًا بعد عام أن هذه التدابير لا تتجاوز كونها حملات شكلية، لا تمس جوهر الأزمة، ولا تمنع تكرار نفس الكوارث.

التحضيرات الموسمية تتكرر دون نتائج ملموسة

أطلقت السلطات المحلية حملات موسعة في ولايات مثل البليدة وتيزي وزو ومعسكر. جهّزت مديريات الأشغال العمومية و”متيجة حدائق” والديوان الوطني للتطهير فرقها ومعداتها لتنظيف البالوعات وتصريف مياه الأمطار وتنقية الأودية.

ورغم هذه الخطوات، لم تظهر نتائج فعّالة في أرض الواقع. في كل موسم، تعود الفيضانات، وتغمر المياه الشوارع، وتتعطل الحياة اليومية، مما يكشف غياب الرؤية طويلة المدى وعدم فعالية التدخلات الظرفية.

الفيضانات في الجزائر: تنظيف البالوعات لا يكفي

ركّزت البلديات جهودها على تنظيف المجاري والوديان في المناطق الحساسة. في تيزي وزو، أشرفت فرق البلدية على تطهير الأحياء وتنظيف الساحات العامة من النفايات ومخلفات البناء، وساهمت بعض المقاولات الخاصة في دعم هذه العمليات.

لكن المواطنين لاحظوا أن الانسدادات تعود بسرعة، وأن السيول تجرف الأتربة والأوساخ إلى نفس النقاط السابقة. هذا يعكس هشاشة البنية التحتية وسوء تصميم أنظمة التصريف.

القرارات المركزية تعاني من ضعف التنسيق الميداني

في ولاية البويرة، شكّل المسؤولون خلايا يقظة، وكلفوا الأمناء العامين للبلديات بمتابعة النقاط السوداء ميدانياً. لكن غياب التنسيق بين المصالح والقطاعات ساهم في تراجع فاعلية هذه المبادرات.

أما في معسكر، فأعطى الوالي إشارة انطلاق حملة تطهير شاملة. ومع ذلك، لم تواكب البلديات هذه الحملة بخطط متابعة دائمة، ما أضعف نتائجها لاحقًا.

المدن ليست وحدها المتضررة: الفلاحة تدفع الثمن أيضاً

في سكيكدة، اجتمع والي الولاية باللجنة التقنية للكوارث الفلاحية، وصدقوا على قائمة المتضررين من فيضانات مايو. ورغم هذه الإجراءات، لم تطلق الوزارة أي خطة حقيقية لحماية الأراضي الفلاحية من أخطار مماثلة مستقبلاً.

يبقى الفلاحون يعانون من غياب الدعم الوقائي، ويعتمدون فقط على تعويضات غير مضمونة، لا تعوّض خسائرهم ولا تحمي إنتاجهم.

التقصير الرسمي يطيل عمر الأزمة

تفتقر المدن الجزائرية إلى بنية تحتية قوية لمواجهة التغيرات المناخية. كما تواصل السلطات السماح بالبناء قرب مجاري الأودية دون رقابة صارمة. بينما تنفذ البلديات بعض الأشغال السريعة، يتجاهل المخططون الوطنيون إطلاق مشاريع هيكلية تحل المشكلة من جذورها.

الحل لا يكمن في تنظيف بالوعات قبل فصل الخريف فقط، بل في تبني سياسة وطنية دائمة، تدمج التخطيط الحضري مع الاستشراف المناخي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى