تندوف لم تعد ولاية جزائرية.. اعتراف صريح بأن الجزائر تعيش انكساراً سيادياً غير مسبوق

في خطوة اعتُبرت أخطر من مجرد تصريح سياسي، قال عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني والمقرّب من دوائر الحكم، إن تندوف لم تعد ولاية جزائرية، بل أصبحت كياناً حدودياً تديره جبهة البوليساريو بدعم من الدولة نفسها. وهذا الاعتراف، في الواقع، ينسف كل ما يروّجه النظام من شعارات حول السيادة والوحدة الوطنية.
منذ سنوات، يتعامل الجنرالات مع تندوف كمنطقة خارج السيادة. وللتأكيد على ذلك، نشرت مجلة “الجيش” سنة 2021 تفاصيل عن تنسيق مباشر لترسيم الحدود بين القوات الجزائرية ومليشيات البوليساريو. ومنذ ذلك الحين لم يعد الأمر دعماً سياسياً لقضية خارجية، بل تحوّل إلى تسليم فعلي لجزء من الأرض لميليشيا لا تحظى بأي شرعية دولية.
تندوف لم تعد ولاية جزائرية: تنازل يفضح الجنرالات
حين يؤكد بن قرينة وجود “حدود مع تندوف”، فإن المعنى واحد: النظام الجزائري فرّط في الجنوب الغربي للبلاد وسلمه إلى كيان وهمي. لكن الأخطر من ذلك أن السلطة تتصرف وكأن السيادة مجرد ورقة تفاوضية. وبالتالي يصبح السؤال مشروعاً: أي دولة عاقلة تقبل بوجود حدود مع تنظيم مسلح على أرضها؟ وأي سلطة مسؤولة تحوّل ولاية كاملة إلى قاعدة لدولة بديلة؟
ازدواجية النظام: قمع القبايل وتمويل الانفصال
المفارقة أن النظام الذي يغذي الانفصال في الصحراء، يواجه في المقابل حركات انفصالية داخل أراضيه. إضافة إلى ذلك، فإن منطقة القبايل، التي حوصرت بالقمع ووُصفت حركتها السياسية “الماك” بالإرهاب، تحمل اليوم ملامح جمهورية ناشئة. ومن جهة أخرى، يرى شباب المنطقة في تنازلات العسكر في تندوف، مقابل القمع في القبايل، دليلاً على ازدواجية الخطاب وزيف شعار “الوحدة الوطنية”.
من تندوف إلى القبايل: مشروع تفكك داخلي
التخلي عن تندوف التي لم تعد ولاية جزائرية يفتح الباب أمام سيناريو أخطر: عجز النظام عن منع ولادة “جمهورية القبايل” كأمر واقع. ولذلك، فإن العسكر يغامر بمستقبل الجزائر حين يواصل تصدير الأزمات للخارج. في المقابل، يغرق الداخل في البطالة وانسداد الأفق، بينما تتعمق العزلة الدبلوماسية ويتآكل رصيد الشرعية.
اعتراف يكشف مستقبل الجزائر
تصريحات بن قرينة ليست زلة لسان، بل اعتراف صريح بأن الجزائر تعيش انكساراً سيادياً غير مسبوق. ولهذا السبب، فإن النظام الذي سلم تندوف لن ينجح في منع تفتت الداخل. فاليوم تندوف، وغداً القبايل، ليبقى العسكر أمام الحقيقة المرة: خطاب “الوحدة والسيادة” مجرد وهم ينهار أمام الواقع.