محكمة العدل الدولية تتلقى التماساً من مالي ضد الجزائر

في خطوة لافتة تعكس تصاعد التوتر بين باماكو والجزائر، أعلنت محكمة العدل الدولية أنها تلقت التماساً رسمياً من حكومة مالي بخصوص حادثة إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي مطلع أبريل الماضي.

هذه الحادثة التي تحولت إلى أزمة دبلوماسية مفتوحة تكشف مرة أخرى تناقضات السياسة الجزائرية في الداخل والخارج، وتجعل من سلوكها موضوع مساءلة دولية.

ما الذي حدث؟

الواقعة تعود إلى بداية أبريل، حين اتهمت مالي الجزائر بإسقاط مسيّرة عسكرية تابعة لها فوق الأراضي المالية. باماكو اعتبرت أن ما جرى يشكل انتهاكاً واضحاً لسيادتها ومخالفة صارخة لمبدأ عدم استخدام القوة. الجزائر من جانبها حاولت التبرير بقولها إن الطائرة اخترقت مجالها الجوي، واستندت في ذلك إلى بيانات صادرة عن وزارة دفاعها. لكن الرد المالي كان أكثر حدة، إذ لجأت إلى أعلى هيئة قضائية أممية لعرض الملف.

من يطالب ومن يرفض؟

مالي طالبت محكمة العدل الدولية باعتبار ما قامت به الجزائر عملاً عدوانياً يخرق القانون الدولي. أما الجزائر، التي لم تمنح المحكمة اختصاصاً تلقائياً في نزاعاتها مع الدول الأعضاء، فقد سارعت إلى الطعن في شرعية الخطوة، واعتبرتها مجرد “مناورة مكشوفة”. الخارجية الجزائرية لم تكتف برفض الدعوى، بل وصفت السلطات المالية بالانقلابية التي داست على الشرعية الدستورية في الداخل، في محاولة للهروب من جوهر الأزمة.

لماذا يشكل الملف إحراجاً للجزائر؟

الخطاب الجزائري الذي يرفع شعارات القانون الدولي سرعان ما يتهاوى أمام ممارسات متناقضة. الجزائر التي اعتادت تقديم نفسها كمدافع عن الشرعية، تجد نفسها اليوم متهمة أمام محكمة العدل الدولية بسلوك عدائي ضد جار يعاني من هشاشة أمنية. فكيف يمكن لدولة لم تنجح في معالجة أزماتها الداخلية أن تقدم دروساً لغيرها؟ التناقض بين الخطاب والممارسة يضع النظام الجزائري في موقف دفاعي حرج أمام الرأي العام المحلي والدولي.

أين وصلت الأزمة؟

التداعيات لم تتوقف عند حدود التصريحات. مالي وحلفاؤها في النيجر وبوركينا فاسو استدعوا سفراءهم من الجزائر. الأخيرة ردت بالمثل، فأعلنت استدعاء سفيريها في باماكو ونيامي. كما أقدمت العاصمتان على إغلاق مجالهما الجوي بشكل متبادل، في خطوة تعكس عمق القطيعة السياسية والدبلوماسية. أزمة جديدة تُضاف إلى رصيد الخلافات الإقليمية التي تضعف مكانة الجزائر في الساحل والصحراء.

إلى أين يتجه النزاع؟

الكرة الآن في ملعب الجزائر. محكمة العدل الدولية تنتظر موقفها النهائي من قبول أو رفض النظر في الدعوى. وفي كلتا الحالتين، فإن صورة الجزائر تضررت بشدة، سواء عبر الإصرار على الإنكار أو عبر رفض المثول أمام القضاء الدولي. بينما تتجه مالي إلى كسب نقاط دبلوماسية إضافية، يبقى النظام الجزائري عالقاً في تناقضاته، بين شعاراته الخارجية وممارساته على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى