النظام العسكري الجزائري يُسيس احتجاجات المغرب لتمرير أجنداته في الأمم المتحدة

في خطوة تكشف مجددًا عن ازدواجية الخطاب وغياب الحياد، استغل النظام العسكري الجزائري الاحتجاجات الاجتماعية الأخيرة في مدن مغربية لتوجيه هجوم دبلوماسي ممنهج ضد المملكة المغربية، وذلك خلال إحاطة صحفية بالأمم المتحدة، ما يطرح أسئلة حقيقية حول نوايا الجزائر الإقليمية واستغلالها الدائم للأزمات لصالح أجندات سياسية ضيقة.
ماذا حدث؟ ولماذا الآن؟
في إطار الإحاطة الصحفية اليومية للناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، طرح صحفي فلسطيني يُدعى عبد الحميد، وبتوجيه مباشر من البعثة الجزائرية، سؤالًا يستنكر “صمت” الأمم المتحدة حيال احتجاجات المغرب، مقارنًا الوضع بما حدث في الإكوادور.
السؤال الذي جاء بلهجة سياسية مغرضة، تساءل: “لماذا لم تصدروا بيانًا بشأن احتجاجات المغرب كما فعلتم مع الإكوادور؟”، رغم أن سياق الأحداث في البلدين مختلف تمامًا من حيث الحدة والطابع. وكان الرد الرسمي من نائب المتحدث، فرحان حق، واضحًا ومهنيًا، إذ شدد على أهمية احترام حرية التعبير والاحتجاج السلمي في المغرب، كما هو الحال في أي دولة أخرى.
من يقف وراء التصعيد؟
التصعيد الدبلوماسي لم يكن منعزلًا عن الحملة الإعلامية الجزائرية الشرسة، حيث انخرطت معظم وسائل الإعلام الرسمية والخاصة التابعة للسلطة في ترويج مغالطات حول الوضع في المغرب، معتمدة على التضخيم والمبالغة في توصيف الأحداث، في مسعى لتشويه صورة المملكة على الصعيد الدولي.
هذا النهج ليس بجديد على النظام العسكري الجزائري، الذي اعتاد على تصدير أزماته الداخلية عبر افتعال أزمات خارجية، خاصة مع الجارة الغربية، المغرب. ويتجلى التناقض الصارخ في موقف الجزائر عندما نُقارن هذا التحرك بعدم تدخل المغرب في احتجاجات الحراك الشعبي الجزائري، الذي هز البلاد عام 2019، وأدى إلى استقالة عبد العزيز بوتفليقة.
لماذا يتكرر هذا السلوك؟
يعكس تصرف النظام الجزائري نزعة مزمنة نحو تسييس كل ما يجري في المغرب، بدلًا من الالتفات للمطالب الداخلية المتراكمة. فبينما يخرج آلاف الجزائريين في مسيرات مطالبة بالحرية، العدالة وتحسين مستوى العيش، يفضل النظام تسليط الضوء على احتجاجات في دول الجوار، متجاهلًا أن البيت الداخلي متصدع.
ما النتيجة المتوقعة؟
هذه السياسة الخارجية، المبنية على التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، لن تعزز إلا مزيدًا من العزلة الإقليمية والدولية للجزائر. فاستغلال المنابر الدولية لتصفية حسابات سياسية، يضر بمصداقية الدولة أكثر مما يخدم مصالح شعبها.
إن النظام العسكري الجزائري، وبدلًا من معالجة مشكلاته البنيوية داخليًا، يواصل تبني خطاب عدائي تجاه المغرب، محاولًا تحويل الأنظار عن الأزمات المتفاقمة في الجزائر نفسها. هذا السلوك لم يعد يُقنع الشارع الجزائري، ولا المجتمع الدولي، الذي بات يرى في ممارسات النظام محاولة يائسة لتثبيت شرعيته المتآكلة.