أزمة المياه في الجزائر.. تكرار الأعطاب وانهيار الثقة في شركة “سيال”

تعيش العاصمة الجزائرية من جديد على وقع أزمة عطش خانقة، بعد إعلان شركة المياه والتطهير “سيال” عن تذبذب خطير في التزويد بالمياه بكل من بلديتي باش جراح وبوروبة. ورغم أن الشركة بررت ذلك بعطب وقع يوم الخميس 18 سبتمبر 2025 في قناة رئيسية للتوزيع على مستوى بلدية القبة، إلا أن التبريرات الرسمية لم تعد تقنع المواطنين.
من جهة أخرى، يرى سكان العاصمة أن المشكلة تجاوزت حدود الأعطاب التقنية وأصبحت أزمة تسيير حقيقية. لذلك فإن السؤال المطروح هو: كيف يعقل أن يعيش بلد غني بالموارد المائية والطاقوية وسط دوامة عطش لا تنتهي؟ النظام الحاكم، بدل أن يستثمر في البنية التحتية ويطور الشبكات، يكتفي بتوزيع بيانات مكررة.
فشل في التسيير وغياب للرؤية
أزمة المياه الحالية تكشف هشاشة المنظومة الإدارية، خصوصا أن الحكومة لم تضع إلى اليوم استراتيجية طويلة الأمد. وبدل أن تبحث عن حلول جذرية لمواجهة الأعطاب والتغيرات المناخية، تكتفي بالمسكنات. وبالتالي، يتحمل المواطن وحده أعباء هذا الفشل، بينما تواصل السلطة الترويج لإنجازات لا وجود لها على أرض الواقع.
انعكاسات اجتماعية خطيرة
حرمان سكان باش جراح وبوروبة من المياه لا يقف عند حدود الاضطراب المنزلي. بل إن الأزمة تفرض على الأسر البحث عن بدائل مرهقة، مثل شراء صهاريج بأسعار باهظة. كما أن الفقراء يجدون أنفسهم في مواجهة مشهد مهين يكشف غياب العدالة الاجتماعية. في المقابل، تواصل الدولة تجاهل هذه المعاناة اليومية.
غياب الشفافية والمساءلة
شركة “سيال” تؤكد أن الأشغال ستنتهي “قريبا”، غير أنها لم تحدد آجالا واضحة. هذا الغموض يعكس استهتارا بحقوق المواطنين. علاوة على ذلك، فإن الحكومة تلقي باللوم على أعطاب تقنية، رغم أنها تعلم أن المشكلة أعمق بكثير. لذلك، فإن غياب الشفافية والمساءلة يثبت أن النظام يفتقر إلى ثقافة المحاسبة.
الجزائر بين الثروات والأزمات
من المفارقات الكبرى أن تعيش الجزائر الغنية بالغاز والنفط أزمات عطش متكررة. ورغم أن النظام ينفق الملايين على التسلح والمهرجانات، إلا أنه يعجز عن تأمين المياه النظيفة لمواطنيه. كما أن هذه السياسة تكشف أولويات نظام منفصل عن واقع الناس. لذلك فإن المواطن يريد ماء في بيته، لا خطابات جوفاء.
نحو انفجار اجتماعي محتمل
استمرار التذبذب في التزود بالمياه قد يتحول مع الوقت إلى شرارة احتجاجات جديدة. فالشعب فقد الثقة في الوعود الرسمية، ورغم ذلك تستمر السلطة في سياسة الإنكار. في النهاية، إذا استمرت الأزمة من دون حلول حقيقية، فإنها ستظل نقطة سوداء تفضح فشل الحكم وتدفع نحو مواجهة اجتماعية لا محالة.