فرار ناصر الجن إلى إسبانيا.. صراع النفوذ والفساد في قلب السلطة الجزائرية

أحدث فرار الجنرال عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، مدير الأمن الداخلي السابق، إلى إسبانيا صدمة واسعة داخل السلطة الجزائرية. فقد كشف هذا الحادث هشاشة الأجهزة العسكرية والأمنية، وأعاد إلى الواجهة صراعات النفوذ بين أجنحة النخبة الحاكمة. ومن هنا، أصبح السؤال الملح: كيف تمكن ناصر الجن من الفرار رغم الرقابة الأمنية المشددة؟

كيف فر ناصر الجن إلى إسبانيا؟

وفق تقرير صحيفة إلكوفيندثيال الإسبانية، وقع الفرار بين ليلة 18 وصباح 19 سبتمبر. وقد تحايل الجنرال على الحراسة المشددة، مستخدمًا قاربًا سريعًا لعبور البحر إلى ساحل كوستا بلانكا بأليكانتي. وعند وصوله، صرح ناصر الجن أنه خاف على حياته قبل المثول أمام القضاء، مضيفًا أن وفاته كانت لتُصور على أنها انتحار. هذه التفاصيل توضح أن الفرار لم يكن مجرد هروب عابر، بل خطة مدروسة للهروب من خطر محدق.

المكان الذي اختاره ناصر الجن كملاذ آمن

اختار الجنرال إسبانيا كملاذ آمن، حيث يمتلك عقارات منذ سنواته السابقة في المنفى بين 2015 و2020. ويعد هذا البلد مقصدًا لكثير من العسكريين والسياسيين الجزائريين عند تدهور أوضاعهم، مثل الجنرال خالد نزار الذي استقر في برشلونة قبل أن يُحكم عليه بالسجن 20 عامًا. ويؤكد هذا الاختيار أن ناصر الجن اعتمد على خبرته السابقة لتأمين مكان آمن بعيدًا عن رقابة النظام.

ناصر الجن.. شخصية محورية ومهدد بالقتل

تُبرز شخصية ناصر الجن أهميته داخل النظام الجزائري، حيث يعرف تفاصيل دقيقة عن نخبة الحكم. بعد وفاة الفريق قايد صالح، عاد إلى الجزائر وتم تعيينه مديرًا للأمن الداخلي في يونيو 2024. ومن ثم بدأ تحقيقات حول الفساد والسمسرة، شملت مقربين من الرئيس تبون، ما جعله مهددًا بالقتل. هذه التهديدات شكلت الدافع الرئيس وراء فراره، موضحة العلاقة بين السلطة والصراعات الداخلية.

الفرار وتأثيره على الأمن الجزائري

أدى فرار ناصر الجن إلى انتشار أمني غير مسبوق بالعاصمة وضواحيها، وفق صحيفة لوموند الفرنسية. فقد أُقيمت حواجز للشرطة والجيش، وأُجريت مداهمات وتفتيشات مكثفة. وعليه، كشف الحادث عن تواطؤ محتمل داخل الأجهزة الأمنية، كما يعكس هشاشة النظام بعد تفكيك جهاز الاستخبارات القوي في 2015 وظهور نفوذ الأوليغارشية الاقتصادية. وبذلك، يظهر أن الفوضى الأمنية ليست مجرد صدفة، بل نتيجة تراكم أزمات النظام الداخلية.

لماذا يشكل فرار ناصر الجن صدمة للنظام؟

سلط فرار ناصر الجن الضوء على عمق الانقسامات داخل السلطة الجزائرية. فالصراع بين أجنحة الجيش والاستخبارات والنخبة السياسية يزداد حدة مع كل أزمة. كما يوضح الحدث ضعف قدرة النظام على ضبط المؤسسات الأمنية، وسط استمرار سياسات التطهير وملاحقة الضباط السامّين، حيث يقبع نحو 200 ضابط في السجون العسكرية، بينهم 30 جنرالًا. ومن هنا، يتضح أن الحادثة تكشف هشاشة النظام في إدارة الصراعات الداخلية.

انعكاسات فرار ناصر الجن على السلطة الجزائرية

ليس فرار ناصر الجن مجرد هروب فردي، بل مؤشر على أزمة أعمق داخل النظام الجزائري. يطرح الحدث تساؤلات حول قدرة النخبة الحاكمة على ضبط الأجهزة الأمنية والعسكرية، ويكشف غياب الشفافية والمساءلة، رغم الخطاب الرسمي لـ”الجزائر الجديدة” الذي يرفعه الرئيس تبون. وبذلك، تصبح الحادثة فصلاً جديدًا من مسلسل الصراعات الداخلية وانعكاسًا لمشكلات النظام المزمنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى