القضية القبايلية في الجزائر.. صراع بين إرادة الشعب وتعنت النظام

تعود القضية القبايلية في الجزائر إلى الواجهة من جديد، لكن هذه المرة بصوت أعلى وأكثر إصراراً. رسالة فرحات مهني، رئيس حكومة القبايل في المنفى، إلى عبد المجيد تبون لم تكن مجرد موقف سياسي عابر، بل تعبير عن جرح إنساني عميق يعيشه الشعب القبايلي منذ عقود. الرسالة وضعت النظام في مأزق، وأعادت طرح سؤال مؤجل: كيف يمكن لدولة تدّعي الدفاع عن “الوحدة الوطنية” أن تستمر في قمع جزء من شعبها بدل الحوار معه؟
المغرب يفرض نفسه كوسيط
الدكتور المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية، أكد أن المغرب مرشح قوي لاحتضان المفاوضات. المملكة راكمت تجربة ناجحة في الملف الليبي بالصخيرات وبوزنيقة. هذا النجاح جعلها خياراً طبيعياً أمام المجتمع الدولي.
الحديث عن الصخيرات كمكان محتمل للحوار يعكس شيئاً خطيراً: القضية القبايلية في الجزائر خرجت من يد السلطة وأصبحت ملفاً إقليمياً. حضور الأمم المتحدة سيكون بمثابة إقرار بأن الأزمة تجاوزت حدود الجزائر.
نظام غارق في الفشل
منذ الاستقلال، فشل النظام الجزائري في إدارة التنوع الثقافي والسياسي. تجاهل المطالب القبايلية واختار دوماً أسلوب العصا الغليظة. الاعتقالات والملاحقات كانت رده الوحيد، بينما ظلت المنطقة مهمشة اقتصادياً ومحرومة اجتماعياً.
شعارات “الوحدة الوطنية” ليست سوى غطاء للاستبداد. الواقع أن القبايل تعرضوا للتضييق والقمع بدل الاعتراف بحقوقهم. عجز الدولة عن تقديم حل سياسي جعل الملف يتحول إلى قضية دولية تفضح هشاشة النظام.
المغرب يكسب نقاطاً إضافية
استعداد المغرب لاستضافة المفاوضات يعزز صورته كوسيط يحترم القانون الدولي. في المقابل، يظهر النظام الجزائري كسلطة مرتبكة تجر البلاد إلى عزلة خطيرة. المغرب يقدم نفسه كفاعل مسؤول، بينما يزداد النظام الجزائري انغلاقاً وفقداناً للمصداقية.
المجتمع الدولي يراقب بجدية
الهيئات الأممية تتابع التطورات عن قرب. هناك توقعات بمرحلة جديدة من الحوار، لكن السؤال: هل يملك النظام الشجاعة لمراجعة نفسه؟ المؤشرات تقول العكس. التمسك بالقمع يثبت أن النظام لا يعترف بحق الشعب القبايلي في تقرير مصيره.
مأزق تاريخي
اليوم، أصبحت القضية القبايلية في الجزائر امتحاناً حقيقياً للنظام. إما أن ينخرط في حوار حقيقي، أو يواصل سياسة الهروب التي تعمق الأزمة. لكن المؤكد أن شرعية السلطة تتآكل يوماً بعد يوم، وأن القمع لم يعد يجدي.