التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا يهدد استقلال القرار السيادي

وسط أزمة سياسية واقتصادية متصاعدة، يواصل النظام الجزائري تعزيز التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا، متجاهلًا أولويات المواطن. فقد استقبل الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، رئيس المصلحة الفدرالية الروسية للتعاون العسكري والتقني، دميتري شوغاييف، في لقاء وصفته وزارة الدفاع بأنه “محطة جديدة” ضمن المسار الثنائي بين المؤسستين.
صفقات التسلح على حساب احتياجات الداخل
شنقريحة أشاد بالزيارة، معتبرًا إياها خطوة إضافية في ترسيخ العلاقات بين الجيشين. لكن هذا التوجه يكشف انحرافًا واضحًا في سلم الأولويات. فالسلطة تستمر في توقيع اتفاقيات عسكرية، بينما يعاني الجزائريون من تدهور الصحة، تفشي البطالة، وضعف الخدمات الأساسية.
بدلًا من توجيه موارد الدولة نحو إصلاح التعليم أو خلق فرص العمل، يفضّل النظام استنزاف الميزانية في صفقات تسلح غامضة. هذه السياسة تؤكد أن حماية النظام تأتي قبل تلبية مطالب الشعب.
التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا: تبعية مقنّعة
روسيا لا تخفي دورها كمزوّد أساسي للجيش الجزائري. لكن المشكلة تكمن في غياب الشفافية. السلطة لم تُشرك البرلمان، ولم توضح تفاصيل العقود العسكرية للرأي العام. هذه الممارسات تعكس نمط حكم مغلق، يعتمد على القوة والتكتّم بدل الشفافية والمساءلة.
شنقريحة تحدث عن “توسيع آفاق الشراكة”، دون أن يوضح كيف ستنعكس هذه الاتفاقيات على السيادة الوطنية أو تطوير القدرات الدفاعية الذاتية.
سياسة خارجية تحكمها الحسابات الضيقة
النظام يصرّ على تقديم نفسه كمدافع عن القانون الدولي. لكنه في الواقع ينخرط في تحالفات مع قوى دولية متورطة في نزاعات. التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا يعكس هذا التناقض. فالجزائر تقترب من موسكو، في وقت تُصنَّف فيه روسيا كقوة معادية للاستقرار في مناطق متعددة.
هذه التحالفات لا تخدم سوى أجندة السلطة، التي تسعى لحماية موقعها داخليًا من خلال الدعم الخارجي.
غياب المحاسبة واختزال الدولة في الجيش
السلطة لم تشرح طبيعة التعاون العسكري الأخير، ولا حجم النفقات المرتبطة به. البيانات الرسمية جاءت مقتضبة وغامضة. بهذا الأسلوب، يتعامل النظام مع الشعب كطرف غير معني، وكأن الأمن القومي شأناً عسكرياً صرفاً لا علاقة له بالمجتمع.
هذا التوجّه يعمّق الفجوة بين الدولة والمواطن، ويكرّس حكمًا مبنيًا على الغموض لا الشفافية.
التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا لا يعبّر عن شراكة متوازنة، بل يعكس علاقة تبعية تُدار لصالح النظام. في وقت يتطلع فيه الجزائريون إلى إصلاحات حقيقية، تستمر السلطة في الارتهان إلى حلفاء خارجيين لحماية موقعها. استمرار هذا النهج لن يقود إلى الاستقرار، بل يزيد من عزل البلاد ويضعف القرار السيادي.