البرلمان الجزائري يفتتح دورته وسط أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة

افتتح مجلس الأمة الجزائري، الإثنين، دورته البرلمانية العادية (2025-2026) في أجواء بروتوكولية تقليدية لا تحمل أي جديد للشعب. جلسة الافتتاح ترأسها رئيس المجلس عزوز ناصري بحضور كبار المسؤولين، بينهم رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، ورئيسة المحكمة الدستورية ليلى عسلاوي، إضافة إلى الوزير الأول الجديد سيفي غريب.
الخطابات الرسمية جاءت محملة بالشعارات المألوفة. ناصري أشاد بتعيين سيفي غريب وزيراً أول بقرار من الرئيس عبد المجيد تبون، مؤكداً أن المجلس “حريص على تكريس نهج التشاور والتكامل المؤسساتي”. غير أن هذه اللغة التجميلية لا تعكس حقيقة الأوضاع التي يعيشها المواطن الجزائري، حيث تتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية يوماً بعد يوم.
البرلمان الجزائري بين الشكلية وغياب الفاعلية
رغم كل الشعارات، يظل البرلمان الجزائري مؤسسة شكلية تفتقر إلى الاستقلالية. قراراته تخضع لتوجيهات السلطة التنفيذية، بينما يقتصر دوره على المصادقة السريعة دون نقاش جاد أو محاسبة حقيقية. افتتاح الدورة البرلمانية هذه السنة لم يخرج عن هذه القاعدة، إذ غلبت عليه الطقوس البروتوكولية التي تخدم صورة النظام أكثر مما تعكس دوراً ديمقراطياً فعلياً.
المواطنون في المقابل يراقبون المشهد بقدر كبير من اللامبالاة. فقد فقدوا الثقة في مؤسسات الدولة، بعدما تحولت إلى منابر لإعادة إنتاج الخطاب الرسمي بدل معالجة هموم الشعب. البطالة، تدهور التعليم والصحة، وغلاء المعيشة، كلها قضايا غائبة عن أولويات البرلمان.
شعارات اقتصادية فارغة
أشاد ناصري بما سماه “النجاح الباهر” لاحتضان الجزائر معرض التجارة البينية الإفريقية. وصف الحدث بأنه خطوة نحو تعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية قارياً ودولياً. لكن الواقع يكشف تناقضاً صارخاً. فكيف يمكن لدولة تعاني من عجز هيكلي في الاقتصاد، ومن تبعية مطلقة لعائدات النفط والغاز، أن تقدم نفسها كقوة اقتصادية إقليمية؟
الشعب الجزائري يدرك أن هذه “النجاحات” مجرد شعارات لتلميع صورة النظام في الخارج. أما في الداخل، فالمشاريع التنموية معطلة، والفساد ينهش المؤسسات، والهجرة السرية للشباب تعكس حجم الإحباط من غياب أي أفق.
نظام يعيد إنتاج الأزمات
افتتاح الدورة البرلمانية ليس سوى استمرار لسياسة إعادة تدوير الأزمات. الوجوه نفسها والخطابات ذاتها، فيما تتعمق الهوة بين النظام والشعب. وبدل فتح نقاش وطني حقيقي حول مستقبل البلاد، يكتفي النظام باستعراض بروتوكولي فارغ يهدف إلى كسب الوقت وإدامة السيطرة.
الجزائر اليوم بحاجة إلى إصلاح سياسي شامل يعيد السلطة للشعب، لا إلى مزيد من الدورات البرلمانية المليئة بالتصفيق والوعود الفارغة. إن استمرار الوضع الحالي ينذر بمزيد من الاحتقان الاجتماعي والسياسي، في ظل عجز مؤسسات الدولة عن الاستجابة لمطالب المواطنين.