المجلس الأعلى للأمن في الجزائر.. أداة بيد السلطة بدل حماية الوطن

يواصل النظام الجزائري استغلال المؤسسات السيادية لترسيخ قبضته على الحكم، ويبرز ذلك بوضوح في انعقاد المجلس الأعلى للأمن في الجزائر تحت رئاسة عبد المجيد تبون، بصفته رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني. ورغم الطابع الرسمي للاجتماع، إلا أن حقيقته السياسية تكشف استمرار السلطة في حصر القرارات المصيرية داخل دائرة ضيقة، بعيداً عن مشاركة الشعب أو حتى ممثليه المنتخبين.
تركيبة المجلس تكشف عقلية مغلقة
يتشكل المجلس الأعلى للأمن في الجزائر من رئيس الجمهورية، الوزير الأول، رئيس أركان الجيش، ووزراء العدل والداخلية والخارجية، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. هذه التركيبة العسكرية الأمنية تُظهر بوضوح عقلية مغلقة. فالسلطة ترفض إشراك البرلمان، المجتمع المدني أو حتى خبراء مستقلين.
المجلس يضم فقط شخصيات مرتبطة مباشرة بالرئاسة والجيش. هذا الاحتكار يعكس خوف النظام من النقد. كما يبرهن أن القرارات المصيرية تُحسم داخل دوائر ضيقة، بعيداً عن أي نقاش وطني.
غياب الشفافية يثير الشكوك
البيانات الرسمية تقول إن المجلس يجتمع “كلما اقتضت الحاجة”. لكن تفاصيل النقاشات تبقى محجوبة. النظام يكتفي بعبارات عامة لا توضح شيئاً. هذا الغموض يطرح أسئلة خطيرة: هل يناقش المجلس فعلاً القضايا الأمنية، أم أنه يستخدم فقط لتبرير قرارات سياسية جاهزة؟
المواطن الجزائري لا يلمس أثراً لهذه الاجتماعات في حياته اليومية. البطالة تتفاقم، الأسعار ترتفع، والخدمات الأساسية تنهار. بينما يناقش المجلس ملفات غامضة، يبقى الواقع المرير بلا حلول.
المجلس بين الشرعية والواقع
التحديات التي تواجه الجزائر حقيقية: حدود مضطربة وضغوط اقتصادية خانقة. لكن حل هذه الأزمات يتطلب مشاركة شعبية ورؤية وطنية. المجلس الحالي يفتقر إلى هذين الشرطين. فهو يخدم بقاء النظام أكثر مما يخدم أمن البلاد.
تبون يصر على رئاسة المجلس بنفسه. هذا السلوك يكشف رغبته في السيطرة المباشرة على الملفات الحساسة. النتيجة: تراجع مبدأ الفصل بين السلطات، وتحول الأمن إلى ورقة سياسية.
انعقاد المجلس الأعلى للأمن في الجزائر لم يعد حدثاً طبيعياً في دولة حديثة. بل أصبح رمزاً لاستمرار الحكم الفردي. بينما يطالب الجزائريون بإصلاحات حقيقية وشفافة، فيما يرد النظام بمزيد من الانغلاق. هكذا يتحول المجلس من أداة لحماية الوطن إلى وسيلة لحماية السلطة.