تندوف تحت احتلال داخلي.. كيف سلّم نظام العسكر أرضا جزائرية لمرتزقة البوليساريو وحوّلها إلى مصنع للإرهاب؟

في أقصى الجنوب الغربي من الجزائر، تقبع تندوف، المدينة التي كان يجب أن تكون منارة للتنمية والاستقرار، فإذا بها تتحول إلى بؤرة سوداء، خارج السيادة الوطنية، يحكمها أمراء الحرب في البوليساريو، بدعم مباشر من نظام العسكر. لا يتعلق الأمر هنا بـ”قضية نزاع إقليمي”، بل باحتلال داخلي مقنّع تُمارسه عصابة عسكرية ضد شعبها، بتسليمها أرضًا جزائرية لميليشيا مرتزقة، أصبحوا مصدر تهديد للجزائريين قبل دول الجوار.
لم تعد مخيمات تندوف مجرد “ملجأ للاجئين” كما يروّج إعلام النظام، بل أصبحت مصنعا مفتوحًا لتخريج الإرهابيين. عشرات الشباب الذين نشؤوا هناك، تحت عيون النظام، لم يُمنحوا حق التعليم أو الحياة الكريمة، بل دُفعوا دفعًا نحو التطرف، قبل أن يُزجّ بهم في تنظيمات إرهابية تجوب الساحل وتُهدد شمال إفريقيا برمّته. والكارثة الأكبر؟ أن من صنع هذا الوحش هو النظام العسكري نفسه، الذي يزعم حماية الأمن القومي بينما يرعى الإرهاب على أرض بلاده.
تحوّلت البوليساريو من ميليشيا انفصالية إلى ذراع عسكرية عابرة للحدود، تحرّكها أجندات خارجية. الأدلة التي أوردتها مجلة The National Interest الأمريكية ليست مزاعم؛ بل حقائق دامغة: رسائل رسمية بين قيادات البوليساريو ومخابرات حزب الله ومخططات إرهابية في عمق التراب المغربي. كل هذا على أرض جزائرية، تحت أنظار الجنرالات الذين يصرفون مليارات الدولارات لتسليح المرتزقة بينما يتضوّر الشعب الجزائري جوعًا.
أكثر من ذلك، تم توثيق دعم إيراني مباشر لجبهة البوليساريو بطائرات مسيرة انتحارية، في خرق سافر لكل التزامات الجزائر الدولية. فكيف يمكن أن يدّعي هذا النظام محاربة الإرهاب، بينما هو من يزرعه ويرعاه فوق أرضه؟
الأرض الجزائرية رهينة.. والشعب أول الضحايا
تندوف يفترض أنها قضية جزائرية قبل كل شيء. هي أرض جزائرية اختطفها النظام العسكري ووهبها للبوليساريو، ليحكمها كيان ميليشياوي غريب، يفرض الإتاوات ويجند الأطفال، ويصدّر الإرهاب إلى أوروبا. تقرير La Vanguardia الإسبانية يدق ناقوس الخطر: متطرفون من مخيمات تندوف باتوا اليوم قيادات في داعش بمنطقة الساحل، بعد أن تلقوا تعليمهم داخل أوروبا ضمن برامج إنسانية قبل أن يعودوا إرهابيين ناطقين بالإسبانية، يهددون العواصم الأوروبية.
نحن أمام مشهد مروّع: أرض جزائرية مختطفة، شعبها مُغيب، وشبابها يُغسل دماغه ليُستثمر في حروب لا ناقة للجزائر فيها ولا جمل. فيما الجنرالات يواصلون خطاباتهم الجوفاء عن السيادة الوطنية، وهم أوّل من فرّط فيها.
دولة مارقة بامتياز
مؤخرًا، لم تجد أوروبا بُدًا من قول الحقيقة: الجزائر دولة “عالية المخاطر” في تمويل الإرهاب وغسل الأموال، وفقًا لتصنيف رسمي صادر عن المفوضية الأوروبية. هذا التصنيف ليس مجرّد صفعة، بل شهادة دولية على السقوط الأخلاقي والسياسي لنظام العسكر، الذي بات اليوم يُعامل كمصدر خطر لا كشريك موثوق.
وما زاد الطين بلّة، أن هذا التصنيف الأوروبي يربط بشكل غير مباشر بين دعم الجزائر للبوليساريو، وتحويلها إلى منصة للإرهاب الدولي. فالمصارف الأوروبية باتت مطالبة بالحيطة في أي معاملة مالية قادمة من الجزائر. هكذا يدفع الشعب الجزائري ثمن حماقات الجنرالات، لا في قوته اليومي فحسب، بل في سمعته الدولية أيضًا.
ما يحدث في تندوف ليس صدفة ولا نتيجة صراع حدودي. إنه خيانة موصوفة ارتكبها النظام العسكري بحق أرضه وشعبه. تندوف ليست “مخيمات لاجئين”، بل أرض جزائرية مختطفة. والشعب الجزائري، عاجلًا أم آجلًا، سيفتح هذا الملف بقوة، ويحاسب كل من باع تراب الوطن للمرتزقة وسمح بتحويله إلى قاعدة للتطرف المسلح.
لن يطول الزمن قبل أن تُستعاد تندوف من يد الغزاة، ويُطرد منها كل مرتزق وعميل. أما نظام العسكر، فلن تنفعه شعارات التحرر الزائفة، ولا أسطوانة “المؤامرات الخارجية”، حين تُفتح دفاتر الخيانة ويُواجه الحقائق أمام شعبه.